المفردات في غريب القرآن، ص : ٨١٣
١٧] نَظَرْتَ في كذا : تَأَمَّلْتَهُ. قال تعالى : فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ
[الصافات / ٨٨ - ٨٩]، وقوله : تعالى : أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
[الأعراف / ١٨٥] فذلك حَثٌّ على تَأَمُّلِ حِكْمَتِهِ في خَلْقِهَا. ونَظَرَ اللَّهُ تعالى إلى عِبَادِهِ : هو إحسانُهُ إليهم وإفاضَةُ نِعَمِهِ عليهم. قال تعالى : وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ
[آل عمران / ٧٧]، وعلى ذلك قوله : كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [المطففين / ١٥]، والنَّظَرُ : الانْتِظَارُ. يقال : نَظَرْتُهُ وانْتَظَرْتُهُ وأَنْظَرْتُهُ. أي : أَخَّرْتُهُ. قال تعالى :
وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ
[هود / ١٢٢]، وقال :
فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ
[يونس / ١٠٢]، وقال : انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ
[الحديد / ١٣]، وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ
[الحجر / ٨]، قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ
[الأعراف / ١٥ - ١٦]، وقال : فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ
[هود / ٥٥]، وقال : لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ
[السجدة / ٢٩]، وقال : فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ
[الدخان / ٢٩]، فنفى الإِنْظارَ عنهم إشارةً إلى ما نبَّه عليه بقوله : فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف / ٣٤]، وقال : إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ [الأحزاب / ٥٣] أي :
منتظرين، وقال : فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ
[النمل / ٣٥]، هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ [البقرة / ٢١٠]، وقال : هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ [الزخرف / ٦٦] وقال : ما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً [ص / ١٥]، وأما قوله : رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ [الأعراف / ١٤٣]، فَشَرْحُهُ وبَحْثُ حَقَائِقِهِ يَخْتَصُّ بغير هذا الكتابِ. ويُستعمَل النَّظَرُ في التَّحَيُّرِ في الأمور. نحو قوله : فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ [البقرة / ٥٥]، وقال : وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ [الأعراف / ١٩٨]، وقال : وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ [الشورى / ٤٥]، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ [يونس / ٤٣]، فكلّ ذلك نظر عن تحيُّر دالٍّ على قِلَّة الغِنَاءِ. وقوله :
وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ [البقرة / ٥٠]، قيل : مُشَاهِدُونَ، وقيل : تَعْتَبِرُونَ، وقول الشاعر :
٤٤٧ -
نَظَرَ الدَّهْرُ إِلَيْهِمْ فَابْتَهَل
«١»

_
(١) الشطر للبيد، وقد تقدّم في مادة (بهل).


الصفحة التالية