المفردات في غريب القرآن، ص : ٨٢٦
الناس. قال تعالى : إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ
[القمر / ٥٤]، وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً
[نوح / ١٢]، جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ [المائدة / ١١٩].
والنّهر : السّعة تشبيها بنهر الماء، ومنه : أَنْهَرْتُ الدَّمَ. أي : أسلته إسالة، وأَنْهَرَ الماء : جرى، ونَهْرٌ نَهِرٌ : كثير الماء، قال أبو ذؤيب :
٤٥٣ -
أقامت به فابتنت خيمة على قصب وفرات نهر
«١» والنهارُ : الوقت الذي ينتشر فيه الضّوء، وهو في الشرع : ما بين طلوع الفجر إلى وقت غروب الشمس، وفي الأصل ما بين طلوع الشمس إلى غروبها. قال تعالى : وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً [الفرقان / ٦٢] وقال :
أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً [يونس / ٢٤] وقابل به البيات في قوله : قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً [يونس / ٥٠] ورجل نَهِرٌ :
صاحب نهار، والنهار : فرخ الحبارى، والمنهرة :
فضاء بين البيوت كالموضع الذي تلقى فيه الكناسة، والنَّهْرُ والانتهارُ : الزّجر بمغالظة، يقال : نَهَرَهُ وانتهره، قال : فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما
[الإسراء / ٢٣]، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ
[الضحى / ١٠].
نهى
النهي : الزّجر عن الشيء. قال تعالى :
أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى
[العلق / ٩ - ١٠] وهو من حيث المعنى لا فرق بين أن يكون بالقول أو بغيره، وما كان بالقول فلا فرق بين أن يكون بلفظة افعل نحو : اجتنب كذا، أو بلفظة لا تفعل. ومن حيث اللفظ هو قولهم : لا تفعل كذا، فإذا قيل : لا تفعل كذا فنهي من حيث اللفظ والمعنى جميعا. نحو قوله تعالى : وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ [البقرة / ٣٥]، ولهذا قال :
ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ [الأعراف / ٢٠] وقوله : وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى
[النازعات / ٤٠] فإنه لم يعن أن يقول لنفسه : لا تفعل كذا، بل أراد قمعها عن شهوتها ودفعها عمّا نزعت إليه وهمّت به، وكذا النهي عن المنكر يكون تارة باليد، وتارة باللّسان، وتارة بالقلب. قال تعالى :
أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا
[هود / ٦٢] وقوله : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ إلى قوله : وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ [النحل / ٩٠] «٢»، أي : يحثّ على فعل الخير ويزجر عن الشّرّ، وذلك بعضه بالعقل الذي ركّبه فينا، وبعضه بالشّرع الذي شرعه لنا، والانتهَاءُ : الانزجار عمّا نهى عنه، قال تعالى :
(١) البيت في ديوان الهذليين ١ / ١٤٦، وشرح أشعار الهذليين ١ / ١١٢، وتهذيب إصلاح المنطق ١ / ١٣٠.
(٢) الآية : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ.