المفردات في غريب القرآن، ص : ٨٣٩
وأعطاه، واختصّ هو به دون ما هو إلى الإنسان نحو : هُدىً لِلْمُتَّقِينَ [البقرة / ٢]، أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ [البقرة / ٥]، هُدىً لِلنَّاسِ [البقرة / ١٨٥]، فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ [البقرة / ٣٨]، قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى [الأنعام / ٧١]، وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ [آل عمران / ١٣٨]، وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى [الأنعام / ٣٥]، إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ [النحل / ٣٧]، أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى [البقرة / ١٦].
والاهْتِدَاءُ يختصّ بما يتحرّاه الإنسان على طريق الاختيار، إمّا في الأمور الدّنيويّة، أو الأخرويّة قال تعالى : وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها [الأنعام / ٩٧]، وقال : إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا
[النساء / ٩٨] ويقال ذلك لطلب الهداية نحو : وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
[البقرة / ٥٣]، وقال : فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [البقرة / ١٥٠]، فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا [آل عمران / ٢٠]، فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا [البقرة / ١٣٧].
ويقال المُهْتَدِي لمن يقتدي بعالم نحو :
أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ [المائدة / ١٠٤] تنبيها أنهم لا يعلمون بأنفسهم ولا يقتدون بعالم، وقوله : فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ [النمل / ٩٢] فإن الِاهْتِدَاءَ هاهنا يتناول وجوه الاهتداء من طلب الهداية، ومن الاقتداء، ومن تحرّيها، وكذا قوله : وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ [النمل / ٢٤] وقوله : وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى [طه / ٨٢] فمعناه : ثم أدام طلب الهداية، ولم يفترّ عن تحرّيه، ولم يرجع إلى المعصية. وقوله :
الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ إلى قوله :
وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ
«١» [البقرة / ١٥٧] أي :
الذين تحرّوا هدايته وقبلوها وعملوا بها، وقال مخبرا عنهم : وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ
[الزخرف / ٤٩].
والهَدْيُ مختصّ بما يُهْدَى إلى البيت. قال الأخفش «٢» : والواحدة هَدْيَةٌ، قال : ويقال للأنثى هَدْيٌ كأنه مصدر وصف به، قال اللّه تعالى :
فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ
(١) الآيتان : الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ
(٢) ليس هذا النقل في معاني القرآن له.