المفردات في غريب القرآن، ص : ٨٤٤
افتقاد الشيء عنك، وهو عند غيرك موجود كقوله تعالى : هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ
[الحاقة / ٢٩].
- وهَلَاكِ الشيء باستحالة وفساد كقوله :
وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ
[البقرة / ٢٠٥] ويقال : هَلَكَ الطعام.
والثالث : الموت كقوله : إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ
[النساء / ١٧٦] وقال تعالى مخبرا عن الكفّار :
وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ
[الجاثية / ٢٤].
ولم يذكر اللّه الموت بلفظ الهلاك حيث لم يقصد الذّمّ إلّا في هذا الموضع، وفي قوله :
وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا
[غافر / ٣٤]، وذلك لفائدة يختصّ ذكرها بما بعد هذا الكتاب.
والرابع : بطلان الشيء من العالم وعدمه رأسا، وذلك المسمّى فناء المشار إليه بقوله :
كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ
[القصص / ٨٨] ويقال للعذاب والخوف والفقر : الهَلَاكُ، وعلى هذا قوله : وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ
[الأنعام / ٢٦]، وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ
[مريم / ٧٤]، وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها
[الأعراف / ٤]، فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها [الحج / ٤٥]، أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ
[الأعراف / ١٧٣]، أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا [الأعراف / ١٥٥]. وقوله :
فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ [الأحقاف / ٣٥] هو الهلاك الأكبر الذي دلّ النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم بقوله :
«لا شرّ كشرّ بعده النّار» «١»، وقوله تعالى : ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ
[النمل / ٤٩]. والْهُلْكُ بالضّمّ : الْإِهْلَاكُ، وَالتَّهْلُكَةُ : ما يؤدّي إلى الهلاك، قال تعالى : وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة / ١٩٥] وامرأة هَلُوكٌ : كأنها تَتَهَالَكُ في مشيها كما قال الشاعر :
٤٦٩ -
مريضات أو بات التّهادي كأنّما تخاف على أحشائها أن تقطّعا
«٢» وكنّي بِالْهَلُوكِ عن الفاجرة لتمايلها، والهَالِكِيُّ : كان حدّادا من قبيلة هَالِكٍ، فسمّي كلّ حدّاد هالكيّا، والْهُلْكُ : الشيء الهالك.
هلم
هَلُمَّ دعاء إلى الشيء، وفيه قولان :
(١) لم أجده، وقد تقدّم ص ٣٠٠.
(٢) البيت لمسلم بن الوليد في الحماسة البصرية ٢ / ٢٢٠، والحيوان ٤ / ٢٥٩.
البيت نسبه المؤلف في المحاضرات للسعيد، وبعده :
تسيب انسياب الأيم أخضره الندى يرّفع من أطرافه ما ترفعا
انظر : محاضرات الأدباء ٢ / ١٣٩، والحيوان للجاحظ ٤ / ٢٥٩، وعمدة الحفاظ (هلك)، وتفسير الراغب ورقة ١٢٩.