المفردات في غريب القرآن، ص : ٨٦٠
الأنفال / ١٢] فذلك وحي إليهم بوساطة اللّوح والقلم فيما قيل، وقوله : وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها [فصلت / ١٢] فإن كان الوحي إلى أهل السماء فقط فالموحى إليهم محذوف ذكره، كأنه قال : أوحى إلى الملائكة، لأنّ أهل السّماء هم الملائكة، ويكون كقوله : إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ [الأنفال / ١٢] وإن كان الموحى إليه هي السموات فذلك تسخير عند من يجعل السماء غير حيّ، ونطق عند من جعله حيّا، وقوله : بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها [الزلزلة / ٥]، فقريب من الأوّل وقوله : وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ [طه / ١١٤] فحثّ على التّثبّت في السّماع، وعلى ترك الاستعجال في تلقّيه وتلقّنه.
ودد
الودّ : محبّة الشيء، وتمنّي كونه، ويستعمل في كلّ واحد من المعنيين على أن التّمنّي يتضمّن معنى الودّ، لأنّ التّمنّي هو تشهّي حصول ما تَوَدُّهُ، وقوله تعالى : وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً
[الروم / ٢١]، وقوله : سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا
[مريم / ٩٦]، فإشارة إلى ما أوقع بينهم من الألفة المذكورة في قوله : لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ الآية [الأنفال / ٦٣]. وفي المودّة التي تقتضي المحبّة المجرّدة في قوله : قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى [الشورى / ٢٣]، وقوله :
وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ
[البروج / ١٤]، إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ [هود / ٩٠]، فالودود يتضمّن ما دخل في قوله : فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة / ٥٤] وتقدّم معنى محبّة اللّه لعباده ومحبّة العباد له «١»، قال بعضهم : مودّة اللّه لعباده هي مراعاته لهم. روي :(أنّ اللّه تعالى قال لموسى : أنا لا أغفل عن الصّغير لصغره ولا عن الكبير لكبره، وأنا الودود الشّكور) «٢».
فيصح أن يكون معنى : سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا
[مريم / ٩٦] معنى قوله : فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة / ٥٤].
ومن المودّة الّتي تقتضي معنى التّمنّي : وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ
[آل عمران / ٦٩] وقال : رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ
[الحجر / ٢]، وقال : وَدُّوا ما عَنِتُّمْ
[آل عمران / ١١٨]، وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ [البقرة / ١٠٩]، وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ
[الأنفال / ٧]، وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا [النساء / ٨٩]، يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ
[المعارج / ١١]،
(١) راجع مادة (حبّ). [.....]
(٢) لم أجده.