المفردات في غريب القرآن، ص : ٨٩
المنام من تعاطي الذبح أمرا «١».
وقوله تعالى : وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ [هود / ٩٧] فعامّ في أقواله وأفعاله، وقوله :
أَتى أَمْرُ اللَّهِ [النحل / ١] إشارة إلى القيامة، فذكره بأعمّ الألفاظ، وقوله : بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً [يوسف / ١٨] أي :
ما تأمر النفس الأمّارة بالسوء.
وقيل : أَمِرَ القومُ : كثروا، وذلك لأنّ القوم إذا كثروا صاروا ذا أمير من حيث إنهم لا بدّ لهم من سائس يسوسهم، ولذلك قال الشاعر :
٢٦ -
لا يصلح النّاس فوضى لا سراة لهم
«٢» وقوله تعالى : أَمَرْنا مُتْرَفِيها
[الإسراء / ١٦] أي : أمرناهم بالطاعة، وقيل : معناه :
كثّرناهم.
وقال أبو عمرو : لا يقال : أمرت بالتخفيف في معنى كثّرت، وإنما يقال : أمّرت وآمرت.
وقال أبو عبيدة : قد يقال : أمرت «٣» بالتخفيف نحو :«خير المال مهرة مأمورة وسكّة مأبورة» «٤» وفعله : أمرت.
وقرئ :(أَمَّرْنَا) «٥» أي : جعلناهم أمراء، وكثرة الأمراء في القرية الواحدة سبب لوقوع هلاكهم، ولذلك قيل : لا خير في كثرة الأمراء، وعلى هذا حمل قوله تعالى : وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها [الأنعام / ١٢٣]، وقرئ :(آمَرْنَا) «٦» بمعنى : أكثرنا.
والائْتِمَارُ : قبول الأمر، ويقال للتشاور : ائتمار لقبول بعضهم أمر بعض فيما أشار به.
قال تعالى : إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ [القصص / ٢٠]. قال الشاعر :
٢٧ -
وآمرت نفسي أيّ أمريّ أفعل
«٧»

_
(١) قال قتادة : رؤيا الأنبياء عليهم السلام حقّ، إذا رأوا شيئا فعلوه. انظر : الدر المنثور ٧ / ١٠٥.
(٢) الشطر للأفوه الأودي، وتتمته :
ولا سراة إذا جهالهم سادوا
وهو في الحماسة البصرية ٢ / ٦٩، وأمالي القالي ٢ / ٢٢٨، والاختيارين ص ٧٧. وديوانه ص ١٠.
(٣) راجع : مجاز القرآن ١ / ٣٧٣، والغريبين ١ / ٨٥، وتفسير القرطبي ١٠ / ٢٣٣.
(٤) الحديث أخرجه أحمد في مسنده ٣ / ٤٦٨، وفيه :«خير مال المرء له مهرة مأمورة أو سكة مأبورة». ورجال إسناده ثقات، واختلف في صحبة سويد، قال ابن حبان : يروي المراسيل لكن جاء في رواية : سمعت رسول اللّه يقول، ففيها إثبات السماع : انظر : الإصابة ٢ / ١٠١، ومجمع الزوائد ٥ / ٢٦١.
المأمورة : الكثيرة، والسكة : الطريقة من النخل، المأبورة : الملقّحة.
(٥) وهي قراءة الحسن ومجاهد وأبي عثمان النهدي وأبي رجاء وأبي العالية، وهي قراءة شاذة.
(٦) وهي قراءة يعقوب، ورويت عن ابن كثير وأبي عمرو وعاصم من غير طريق الطيبة. راجع : الإتحاف ص ٢٨٢.
(٧) هذا عجز بيت لكعب بن زهير، وشطره الأول :
أنخت قلوصي واكتلأت بعينها
وهو في ديوانه ص ٥٥، والحجة في القراءات للفارسي ١ / ٣١٩، وأساس البلاغة (كلأ).


الصفحة التالية
Icon