ج ١، ص : ١٤٥
الحنث راجع إلى اليمين، فكانت اليمين سببا، وليست اليمين عبادة لا يمكن جعلها سببا للكفارة.
فإن الإكثار من العبادات مندوب إليه، والإكثار من اليمين منهى عنه.
والإكثار من العبادات تعظيم اللّه تعالى، والإكثار من اليمين تعريض الإسم للابتذال.
فصح على هذا المعنى جعل اليمين سببا، على خلاف ما رآه أبو حنيفة، وجاز لأجله تقديم الكفارة على الحنث، وجاز لأجله فهم إيجاب الكفارة في اليمين، على فعل الغير وعلى فعل نفسه، وعلى ما يجب فعله، وعلى ما لا يجب، وهو أصل الشافعي في الأيمان..
قوله تعالى :(لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ «١» فِي أَيْمانِكُمْ) (٢٢٥) :
اعلم أن اللغو مذكور في القرآن على وجوه، والمراد به معاني مختلفة على حسب اختلاف الأحوال التي خرج الكلام عليها.
فقال اللّه تعالى :(لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً) «٢» يعني كلمة فاحشة قبيحة.
و(لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً) «٣» على هذا المعنى، وقال :
(١) قال الراغب الأصفهاني :«اللغو من الكلام ما لا يعتد به، وهو الذي يورد لا عن روية وفكر، فيجري مجرى (اللغا) وهو صوت العصافير ونحوها من الطيور» أه ص ٤٥١.
ويقول الفخر الرازي :(اللغو : الساقط الذي لا يعتد به، سواء كان كلاما أو غيره، ولغو الطائر تصويته، ويقال لما لا يعتد به من أولاد الإبل لغو» أه ج ٦ ص ٨١.
(٢) سورة الغاشية آية ١١.
(٣) سورة الواقعة آية ٢٥. [.....]