ج ١، ص : ٢٤
وفيه تعجيل ثواب اللّه تعالى على العزم وتوطين النفس.
قوله تعالى :(الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ) (١٥٦) :
يعني إقرارهم بالعبودية في تلك الحالة بتفويض الأمور إليه والرضا بقضائه فيما يبتليهم به وأنه لا يقضي إلا بالحق كما قال تعالى :
(وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْ ءٍ) «١».
وقوله :(وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) إقرار بالبعث وأن اللّه تعالى يجزي الصابرين على قدر استحقاقهم.
ثم الصبر على جهات مختلفة :
فما كان على فعل اللّه تعالى فهو بالتسليم والرضا وما كان من فعل العدو فهو بالصبر على جهادهم والثبات على دين اللّه تعالى لما يصيبهم من ذلك.
ونبهت الآية على فرح الصابرين وما في الصبر من تسلية عن الهم ونفي الجزع وفيه صبر على أن الفرائض لا يثنيه عنها مصاعب الدنيا وشدائدها..
وفي التلفظ بقوله تعالى :(إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) غيظ الأعداء لعلمهم بجده واجتهاده ويقتدي به غيره إذا سمعه وربما ترقى الأمر بالصابر المفكر في الدنيا إلى أن - لا يحب - البقاء فيها وهو الزهد في الدنيا والرضا بفعل اللّه تعالى عالما بأنه صدر من عند من لا يتهم عدله
(١) سورة غافر آية ٢٠.