ج ١، ص : ٥٤
(عَفَوْا)
«١». يعني حتى كبروا فسمنوا، وقال صلّى اللّه عليه وسلم :
«أعفوا اللحى»، فتقدير الآية : فمن فضل له على أخيه شيء من الديات التي وقع الإصطلاح عليها فليتبعه مستحقه بالمعروف، وليؤد إليه بإحسان..
المعنى الرابع : أنهم قالوا في الدم بين جماعة إذا عفا عنهم تحول أنصباء الآخرين مالا، وقوله تعالى :(فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْ ءٌ) يدل على وقوع العفو عن شيء من الدم لا عن جميعه، فيتحول نصيب الشركاء مالا، فعليهم اتباع القائل بالمعروف، وعليه أداؤه إليهم بإحسان..
والإتباع بالمعروف أن لا يكون بتشدد وإيذاء، وعلى المطلوب منه الأداء بإحسان، وهو ترك المطل والتسويف، (ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ) أي جواز العفو على مال تخفيف، ولم يكن ذلك إلا لهذه الأمة، (فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ) أي قتل القاتل بعد أخذ الدية، (فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ).
المعنى الخامس : أخذ ولي الدم المال بغير رضا القاتل، وهو أحد قولي الشافعي رحمه اللّه، فقيل لهؤلاء : العفو لا يكون مع أخذه، ألا ترى أن النبي عليه السلام قال :«العمد قود إلا أن يعفو الأولياء» «٢» فأثبت له أحد السببين من قتل أو عفو، ولم يثبت له مالا، فلئن قيل :
إنه إذا عفا عن الدم ليأخذ المال كان عافيا وتناوله لفظ الآية، قيل له : لو كان الواجب أحد سببين لجاز أيضا أن يكون عافيا بتركه المال،
(١) سورة الأعراف آية ٩٥.
(٢) روى الطبراني عن عمرو بن حزم : العمد قود والخطأ دية، قال الهيثمي : وفيه عمران بن أبي الفضل وهو ضعيف (مناوى).