ج ١، ص : ٥٦
حين كسرت بنته جارية :«كتاب اللّه تعالى القصاص» أخبر أن موجب الكتاب القصاص، فإن قوله (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ) محكم ظاهر المعنى.
وقوله تعالى :(فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْ ءٌ) محتمل للمعاني والمتشابه يجب رده إلى المحكم.
وقوله تعالى (عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ) يدل على أن دية العمد على القاتل.
وقال :(وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) (١٧٩) وذلك تنبيه على الحكمة في شرع القصاص، وإبانة الغرض منه، وخص أولي الألباب مع وجود المعنى في غيرهم لأنهم المنتفعون به، كما قال :(إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها) «١». وقال :(نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ) «٢»، فأبان أنه منذر الجميع، ولكنه خص في موضع «من يخشاها» لأنهم المنتفعون بإنذاره، وقال :(هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) مع قوله في موضع آخر (هُدىً لِلنَّاسِ) لأن المتقين هم الذين ينتفعون به.. وقال في قصة مريم :(قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا)
«٣»، لأن المتقي هو الذي يعيذ من استعاذ باللّه تعالى.
وقوله :(وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) «٤» يدل على مراعاة المماثلة في الجراح، على ما قاله الشافعي رحمه اللّه، وأن يفعل بالقاتل مثل ما فعله، فإن لم يمت وجب قتله، فإن القتل لا بد منه قصاصا لأخذ النفس بالنفس فجمعنا بين قوله تعالى :(وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) وبين قوله :(النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) وهذا أولى من طرح أحدهما..

__
(١) سورة النازعات آية ٤٥. [.....]
(٢) سورة مريم آية ١٨.
(٣) سورة سبأ آية ٤٦.
(٤) سورة المائدة آية ٤٥.


الصفحة التالية
Icon