ج ١، ص : ٨٥
منعهن عن إمداد الرجال بالأموال، وبالحث على القتال بإنشاد الأشعار المحركة لطباعهم، فإنه إذا حدث الحرب بالعرب أبرزن النساء باعثات على الحرب متناشدات بالأشعار، وذلك من أعظم الفتن، وترى الواحد منهم يقتل نفسه ويرد الأمان قائلا : بأن نساء الحي لا يتحدثن عني بالجزع في القتال وطلب الأمان.
ففي قتلهن على هذا الوجه مصالح عظيمة، وهل يقاتل أكثر الناس إلا ذبا عن النساء؟
غير أنهن إذا حصلن في السبي، فالاسترقاق أنفع لسرعة إسلامهن ورجوعهن عن أديانهن، وبعد فرارهن إلى أوطانهن بخلاف الرجال.
وليس يتوقع من القتال إلا أذية المسلمين، وذلك يحصل للمسلمين بما يصدر منهن وإن لم يباشرن القتال، ولم تكن فتنة فني بها خلق في الأكثر، إلا كان سببه أمور النساء، والذي كان من شؤم البسوس «١» ورعيف حولا وغيرهما، مما نتج الحروب العظيمة وهيج الفتن الهائلة مشهور معروف..
قوله تعالى :(الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ) «٢» الآية. (١٩٤)
روي عن الحسن أن مشركي العرب قالوا للنبي صلّى اللّه عليه وسلم : أنهيت عن قتالنا في الشهر الحرام؟.. قال : نعم، فأراد المشركين أن يغتروه في الشهر الحرام فيقاتلوه، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية «٣»..

__
(١) هي البسوس بنت منقد التميمية خالة جساس بن مرة قتلت ناقة لها فتسببت في حرب طويلة بين تغلب وبكر استمرت أربعين سنة.
(٢) قال الزجاج :«أعلم الله المسلمين أنه ليس لهم أن ينتهكوا هذه الحرمات على سبيل الابتداء، بل على سبيل القصاص» أه.
(٣) انظر تفسير القرطبي ج ٢ ص ٣٥٤، زاد المسير لابن الجوزي ج ١ ص ٢٠١.
- يغتروه : يأتوه على حين غرة.


الصفحة التالية
Icon