ج ٢، ص : ٢٩٠
الشرع في تحريمه، والاجتهاد طلب أدلة الشرع والنظر في معانيها، وقد كان ذلك حلالا من جهة الشرع، فعلم أنه صار محرما بعد الإباحة بتحريم يعقوب على نفسه لا بالاجتهاد، بل كان مأذونا له في أن يحرم ما شاء على نفسه، ولم يحرمها اللّه تعالى، وربما يدل ذلك على أن الذي كان من يعقوب انتسخ ثانيا من جهة الشريعة، وقد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم حرم مارية على نفسه، ولم يحرمها اللّه تعالى «١».
وربما يدل ذلك على أن الذي كان من يعقوب انتسخ بهذا «٢».
ويجوز أن يقال : ومع تحريم مارية ليس نسخا لغيرها.
ويمكن أن يقال : مطلق قوله تعالى :(لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ) «٣» يقتضي أن لا يختص بالشافعي «٤».
وقد رأى الشافعي أن وجوب الكفارة في ذلك غير معقول المعنى فجعلها مخصوصا لموضع النص.
وأبو حنيفة رأى ذلك أصلا في تحريم كل مباح وأجراه مجرى اليمين «٥».
(١) أخرج أبو عبد الرحمن النسائي بسنده عن أنس أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم كانت له أمة يطؤها فلم تزل به عائشة وحفصة حتى حرمها فأنزل اللّه عز وجل :(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ) الى آخر الآية. انظر أيضا القاسمي ج ١٦ ص ٥٨٥٥.
(٢) أي يجعل كفارة اليمين مزيلة للتحريم، قال الجصاص : قد دلت الآية على أن تحريم إسرائيل لما حرمه من الطعام على نفسه قد كان واقعا، ولم يكن موجب لفظه شيئا غير التحريم وهذا المعنى هو منسوخ بشريعة نبينا محمد صلّى اللّه عليه وسلم وذلك لأنه حرم مارية على نفسه فلم يحرمها اللّه عليه وجعل موجب لفظه كفارة يمين.
(٣) سورة التحريم آية ١.
(٤) الصحيح لا يختص بالمرأة.
(٥) انظر القرطبي ج ١٨ ص ١٨٥. [.....]