ج ٢، ص : ٣٠١
قوله تعالى :(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ «١» يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) (١٠٣) :
وذلك يدل على أنه فرض لكنه فرض على الكفاية.
ولعل قوله :(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ) يدل على ذلك، فإنه يقتضي بظاهره أنه إذا قام به البعض، سقط عن الباقين «٢»، فإنه قال :(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ).
أي إن جميعكم ربما لا يمكنهم ذلك، فليتول قوم منكم حتى يكون المعروف مأتيا والمنكر مرفوضا، وقد أمر اللّه تعالى بالأمر بالمعروف في مواضع في كتابه لا حاجة بنا إلى ذكرها، ووردت في ذلك أخبار أوفاها ما رواه أبو سعيد الخدري عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أنه قال :
«من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» «٣».
وقد قال اللّه تعالى في هذا المعنى :
(وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ
(١) أي جماعة : يقصدها الناس ويقتدون بها.
(٢) ويقول الامام الغزالي رضي الله عنه :
«في هذه الآية بيان الإيجاب، فان قوله تعالى «و لتكن» امر، وظاهر الأمر الإيجاب وفيها بيان ان الفلاح منوط به، ، إذ حصر وقال : أولئك هم المفلحون، وفيها بيان انه فرض كفاية لا فرض عين، وانه إذا قام به امة سقط الفرض عن الآخرين. انظر كتاب البدعة، وكتاب الإسلام دين السعادة. [.....]
(٣) أخرجه أحمد في مسنده، ومسلم في صحيحه، وابن ماجة في سننه، عن أبي سعيد رضي الله عنه.