ج ٢، ص : ٣١٦
ويمكن أن يقال :
إن نكاح الصغيرة ليس بعيدا عن المصلحة، ولذلك اطردت به العادة واستمرت عليه العامة، فإن المقصود منه الألفة، فإذا ألفيت المرأة صغيرة لم تمارس الرجال ولم تعرف الهوى، ترسخت المودة بينهما، فقد قيل في المثل :
ما الحب إلا للحبيب الأول..
والشاعر يقول :
عرفت هواها قبل أن أعرف الهوى فصادف قلبا فارغا متمكنا
قوله تعالى :(مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) «١» الآية (٣) :

__
(١) مسألة تعدد الزوجات - كما يقول صاحب روائع البيان - ضرورة اقتضتها ظروف الحياة. وهي ليست تشريعا جديدا انفرد به الإسلام، وانما جاء الإسلام فوجده بلا قيود ولا حدود، وبصورة غير انسانية، فنظمه وشذ به وجعله دواء وعلاجا لبعض الحالات الاضطرارية التي يعاني منها المجتمع، جاء الإسلام والرجال يتزوجون عشرة نسوة أو أكثر أو أقل - كما جاء في حديث غيلان حين أسلم، وتحته عشرة نسوة - بدون حد ولا قيد، فجاء ليقول للرجال :
ان هناك حدا لا يحل تجاوزه هو (أربع)، وأن هناك قيدا أو شرطا لإباحة هذه الضرورة هي (العدل بين الزوجات)، فإذا لم يتحقق ذلك وجب الاقتصار على واحدة، (فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ).
فهو إذا نظام قائم وموجود منذ العصور القديمة، ولكنه كان فوضى فنظمه الإسلام، وكان تابعا للهوى والاستمتاع باللذائد، فجعله الإسلام سبيلا للحياة الفاضلة الكريمة. والحقيقة التي ينبغي أن يعلمها كل إنسان، أن إباحة تعدد الزوجات مفخرة من مفاخر الإسلام، لأنه استطاع ان يحل مشكلة عويصة من أعقد المشاكل، تعانيها الأمم والمجتمعات اليوم، فلا تجد لها حلا الا بالرجوع الى حكم الإسلام، وبالأخذ بنظام الإسلام.
أن هناك أسبابا قاهرة تجعل التعدد ضرورة : كعقم الزوجة، ومرضها مرضا يمنع زوجها من التحصن، وغير ذلك من الأسباب التي لا نتعرض لذكرها الآن، ولكن نشير الى نقطة هامة يدركها المرء ببساطة.
تقول أستاذة ألمانية في الجامعة :
«أن حل مشكلة المرأة الألمانية هو في إباحة تعدد الزوجات، أنني أفضل أن أكون زوجة مع عشر نساء لرجل ناجح، على أن أكون الزوجة الوحيدة لرجل فاشل تافه، أن هذا ليس رأيي وحدي بل هو رأي كل نساء ألمانيا».
اختارت الأستاذة الألمانية التي يحرم دينها التعدد : فلم تجد خيرة لها الا ما اختاره الإسلام، فأباحت تعدد الزوجات رغبة في حماية المرأة الالمانية من احتراف البغاء، وما يتولد عنه من أضرار فادحة. وفي مقدمتها كثرة اللقطاء».
وانظر بحثا ممتعا للشيخ محمد رشيد رضا في تفسير المنار عند هذه الآية.


الصفحة التالية
Icon