ج ٢، ص : ٣٣١
وسهم من الغنيمة، وما كان يأخذ الأجرة على شيء يقوم به من أمر الدين، وكيف يجوز ذلك مع قول اللّه تعالى :
(قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ) «١».
(قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) «٢».
فالذي يأخذه الفقهاء والقضاة والخلفاء، لا يأخذون من مال واحد معين، وإنما يأخذون من مال اللّه الذي لا يتعين له مالك، وقد جعل اللّه ذلك المال الضائع حقا لأصناف بأوصاف، والقضاة من جملتهم، والوصي إنما يأخذ بعمله مال شخص معين من غير رضاه، وعمله مجهول وأجرته مجهولة، وذلك بعيد عن الاستحقاق.
واعلم أن الاحتياط الذي أمر اللّه به في حق اليتامى، وأن لا يدفع إليهم أموالهم إلا بعد إيناس الرشد، يدل لا محالة بطريق الأولى على أن الأولياء من الأوصياء، والأقارب والحكام، لا بد وأن يكونوا عدولا ذوو رشد.
والفاسق المتهم من الآباء، والمرتشي من الحكام والأوصياء، والأمناء غير المأمونين، لا يجوز جعلهم أولياء وحكاما، ويدل على ذلك أن الحاكم إذا فسق انعزل. «٣»
قوله تعالى :(فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ)،
(١) سورة سبأ آية ٤٧.
(٢) سورة الفرقان آية ٥٧ وتمامها :(إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا). وسورة ص آية ٨٦ وتمامها :(وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ).
(٣) انظر احكام القرآن للجصاص ج ٢ ص ٣٦٤.