ج ٢، ص : ٣٣٧
(وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ) «١»، مع أن ذلك أيضا ليس منسوخا فإن قوله :
(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ)، إنما عنى به غير هذه الحالة، فهو تخصيص عموم الآية، والنسخ راجع إلى رفع ما قد ثبت قبل بما يخالفه، ولم يثبت أن مخالطة الأيتام كانت محرمة ثم إنها رفعت، فهذا معنى الكلام.
قوله تعالى :(يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ) الآية (١١) :
اعلم أن الناس في الجاهلية كانوا يخصصون الذكور المقاتلين على الخيل والذابين عن الحرم بالميراث، وما كانوا يورثون الصغار ولا الإناث، وقد ورد في بعض الآثار، أن الأمر كان على ذلك في صدر الإسلام، إلى أن نسخته هذه الآية، ولم يثبت عندنا اشتمال الشريعة على ذلك، بل ثبت خلافه، فإن هذه الآية نزلت في ورثة سعد بن الربيع، حين جاءت امرأة بابنتها من سعد فقالت : يا رسول اللّه :
هاتان ابنتا سعد قتل أبو هما معك يوم أحد وقد استوفى عمهما مالهما، وإن المرأة لا تنكح إلا ولها مال، فنزلت هذه الآية «٢».
وقيل : نزلت في ورثة ثابت بن قيس بن شماس، والأول أصح عند أهل النقل «٣»، فاسترجع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم الميراث من العم، ولو كان ثابتا من قبل في شرعنا ما استرجعه.
(١) سورة البقرة الآية ٢٢٠.
(٢) أخرج ذلك الترمذي، وأبو داود، وابن ماجة، والدار قطني، عن جابر بن عبد اللّه رضي اللّه عنه وقال الترمذي حديث صحيح.
(٣) لأن ثابت بن قيس استشهد باليمامة.