ج ٢، ص : ٣٤٠
والدليل عليه أن كل الميراث لهؤلاء المذكورين، وما قال الشرع للعصبة كل الميراث وللبنتين الثلثان، بل كان يقال : للوصية قسط واجب، فما يفضل عنها فهو لكذا، ولم يتبين وجوب الوصية في هذه الآية بل قال :(مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ)، وربما كان الدين أو لم يكن، وربما كانت الوصية أو لم تكن، فهذا تمام ما يتعلق بهذا النوع.
قوله تعالى :(يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ)، حقيقة في أولاد الصلب فأما ولد الابن فإنما يدخل فيه بطريق المجاز، وإذا حلف لا ولد له وله ولد ابن لم يحنث «١»، فإذا أوصى لولد فلان، لم يدخل فيه ولد ولده، وأبو حنيفة يقول : إنه يدخل فيه إن لم يكن له ولد صلب «٢»، ومعلوم أن حقائق الألفاظ لم تتغير بما قالوه.
وقوله :(لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) : ليس فيه تقدير ميراث كل واحد منهم ومبلغ ما يستحقه، بل فيه أن ما كان من قليل أو كثير فبين الأولاد على هذه النسبة، وذلك يتناول ما فضل عن أصحاب الفرائض، وما يأخذون من جميع المال إذا لم يكن صاحب فرض.

__
(١) قال النيسابوري : وأعلم أن عموم قوله تعالى :(يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ) مخصوص بصور :
منها : أن العبد والحر لا يتوارثان.
ومنها : أن القاتل لا يرث.
ومنها : أن لا يتوارث أهل ملتين، والمرتد ماله فيء لبيت المال سواء اكتسب في الإسلام أو في الردة، وعند أبي حنيفة : ما اكتسب في الإسلام يرثه أقاربه المسلمون.
ومنها : أن الأنبياء لا يورثون خلافا للشيعة.
(٢) وقد استفاض الجصاص في بيان ذلك وانتهى الى أن لفظ الابن يطلق حقيقة على أولاد الصلب ومجازا على أولاد الأولاد عند عدم وجود الأولاد.


الصفحة التالية
Icon