ج ٢، ص : ٣٤٣
قضى في بنت، وبنت ابن، وأخت، بأن للبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، والباقي للأخت، فإذا كان للبنت مع ابنة الابن من التركة الثلثان، فالبنتان أحق بذلك وأقرب، لأنهما أقرب من بنت الابن، وإن أمكن أن يعترض على هذا، فإن الذي لبنت الابن فرض آخر، وليس من ميراث البنت في شيء، وإنما الكلام في أن النصف إذا كان للواحد، فهل يزداد ذلك لسبب وجود بنت أخرى، أو يتقاسمان ذلك النصف، فأما السدس فلا تعلق له بفريضة البنت أصلا، وإنما اتفق أن المبلغين صارا إلى مقدار الثلثين.
وقضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم في تركة سعد بن الربيع، للبنتين الثلثين، وللزوجة الثمن، والباقي لأخته «١».
وقضى بذلك في ابنتي ثابت بن قيس بن شماس «٢».
والآية ليست نصا في نفي ما دون الثلثين عما دون الثلاث من البنات، بل محتملة ما ذكرناه «٣».
وقد قيل : قوله «فوق» صلة وتأكيد، كأنه قال :«فإن كنّ نساء اثنتين» ومثله :(فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ) «٤»، وهذا تأويل بعيد، وما ذكرناه أولا هو الصحيح، ومما دلت الآية عليه أنه لما لم يبين مقدار ميراث البنتين، عرفنا من قوله تعالى في حق الأخ (وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ) «٥»، أن الأخ لما جعل عصبة حائزا للميراث مطلقا، فالابن بذلك أولى.

__
(١) رواه أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجة.
(٢) وقد سبق تضعيف ذلك لأن ثابت بن قيس لم يستشهد الا بعد وفاة الرسول صلّى اللّه عليه وسلم.
(٣) وبين ابن العربي ذلك فقال : ان النصف سهم لم يجعل فيه اشتراك، بل شرع مخلصا للواحدة بخلاف الثلثين، فانه سهم الاشتراك، بدليل دخول الثلاث فيه فما فوقهن، فدخلت فيه الاثنتان مع الثلاث دخول الثلاث مع ما فوقهن.
(٤) سورة الأنفال آية ١٢.
(٥) سورة النساء آية ١٧٦.


الصفحة التالية
Icon