ج ٢، ص : ٣٤٧
مثل قوله :(نَحْنُ قَسَمْنا) «١»، والتعبير عن الواحد بلفظ الاثنين كقوله تعالى :(أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ) «٢» وهو يريد الواحد، إلا أن كل ذلك خلاف الأصل والوضع، وليس الكلام فيه.
وليس يبقى بعد النزول عن الظاهر إلا أن يقال : النص وإن ورد في الثلاث، فلا يمتنع الاثنتين به بطريق الاعتبار.
ووجه الاعتبار أن اللّه تعالى الحق الاثنين بالثلاث فيما يتعلق بميراث الأخوة في استحقاق الثلثين، وفيما يتعلق بميراث البنات، وغاير بين الواحدة والثنتين، فيدل ذلك على أن حكم الاثنتين أقرب إلى الثلاث منه إلى الواحد.
ولابن عباس أن يعترض على هذا الكلام من أوجه :
أن اللّه تعالى شرط في حجب الأمهات عددا فقال :(إن كان له إخوة)، وذلك يقتضي التقييد الذي لا يجوز تركه وإلغاؤه، فإذا حصل بالثنين بطل فحوى الكلام في التقييد.
ولو قال للواحد : فإن كان له أربعة إخوة فلأمه السدس، كان الكلام ركيكا، وأن عدد الأربعة لا يتعلق به حكم، فالتقييد بالثلاث مثل ذلك على رأي من لا يجعل لهذا القيد أثرا.
الوجه الثاني : أن الأصل في حق كل مستحق للميراث، أن لا يسقط ولا ينتقض إلا بتوقيف قاطع، والأم مستحقة بقرابتها، فما لم يثبت قاطع في حجبها لا يسقط حقها، فإذا شهد الظاهر للثلاثة وجب الرجوع إلى الأصل، فكان الذي لا يحجب الأم بالاثنتين متعلق بالظاهر، ومتعلق بالأصل في ميراث الأم.

__
(١) سورة الزخرف آية ٣٢. [.....]
(٢) سورة ق آية ٢٤.


الصفحة التالية
Icon