ج ٢، ص : ٣٤٩
وكذلك كمال ميراث الأخوات من الأب والأم كاف في إسقاط أولاد الأب فقط، فإذا قلنا لا يقع حجب الأم بالأخت الواحدة، وإنما يقع بكمال قوتهم من الميراث، فذلك يقتضي التسوية بين الاثنين والثلاث، وهذا بيّن ظاهر، وهو نظر دقيق في نصرة قول جماهير العلماء «١».
ويمكن أن يقال إن العدد الكثير من الصحابة لم يتفقوا على مخالفة الظاهر إلا بتوقيف.
أما هذا المعنى الذي قلناه فدقيق، لبعد اجتماع الجم الغفير على ذلك، وترك الظاهر بسببه، فيظهر تقدير توقيف، وإن لم ينقل، يعلم أنهم به تركوا الظاهر، والعلم عند اللّه.
فهذا وجه منقول عن كافة الصحابة في مخالفة الظاهر.
الوجه الآخر : ما نقل عن قتادة أنه قال : إنما يحجب الأخوة الأم من غير أن يرثوا مع الأب، لأنه يقوم بنكاحهم، ويلزمه المؤن بسببهم لتحقيق إربهم، فأما الأخوة من الأم، فخارجون عن ذلك ولا يحجبون مع الأب، فخالف به مطلق قوله تعالى :(فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ).
وليس لقوله هذا وجه، فإن الذي يلتزم من المؤن ليس يلتزمه عوضا عن الميراث، بل يلتزمه بحكم الأبوة، ولا تعلق لذلك بالميراث، فلو
(١) ومما نحب التعريف به هنا أن استحقاق الميراث بالعصوبة يراعى فيه التقديم بالقرب، فيقدم الأقرب فالأقرب، ولا ينظر الى نوع العصوبة.