ج ٢، ص : ٣٥٧
وغاية ما يقال فيه أن عصوبة الأب غير متمحضة، بل هي عصوبة مشوبة بجهة الولادة، ولذلك يجمع له بين الفرض والتعصيب، فيجوز أن يكون جهة العصوبة بالابن الذي هو أولى العصبات، وأما تعطيل جهة الولادة فلا، وإذا لم يعطل جهة الولادة حال كونه عصبة، ولم تتمحض عصوبته، تعلق به على كل حال أن لا تفضل الأم على الأب مع تساويهما في الولاية، بل يراعى في حق الأب جهة الولادة وجهة العصوبة جميعا، وذلك يقتضي تفضيله عليها، فهذا منتهى الممكن في نصرة مذهب جماهير العلماء.
ونظر ابن عباس جلي جدا، وينشأ منه أن الجم الغفير إذا خالفوا النظر الجلي فلا يخالفون إلا بالتوقيف.
ويمكن أن يقال في مقابلته : وابن عباس إذ أظهر الخلاف، كان من الواجب أن يحتج عليه بذلك التوقيف، ولم يثبت ذلك، فهو مشكل والعلم عند اللّه تعالى.
وحاصل نظر الجمهور يرجع إلى أنه إذا وجب أن يبدأ بالزوجة أو الزوج، ويعطي كل واحد منهما نصيبه، فزال الفرض المنصوص لهما بالزوج والزوجة، لأن المنصوص لهما إذا لم يكن زوج ولا زوجة، فإذا أعطيناهما حقهما نظرنا إلى ما يبقى بعد ذلك، فيجعل بمنزلة جملة المال الذي لا فرض فيه لأحد الأبوين، فيقسم بينهما، فيعطي الأم ثلثه، ويعطي الأب ما بقي، لأن النقيصة لما دخلت عليهما من قبل الزوج أو الزوجة، وجب أن تكون داخلة عليهما على قدر حصصهما إذا لم يكن الأب في هذا الموضع بمنزلة العصبة الذين تبدأ بأهل الفرض، ثم يعطون ما بقي لأن أولئك غير مسمين، والأبوان إذا كانا هما الوارثان ففرض كل واحد منهما معلوم، فلما دخل عليهما فرض الزوج والزوجة دخل على كل واحد منهما بقدر حصته.


الصفحة التالية
Icon