ج ٢، ص : ٣٦٣
وإذا ثبت الاستنباط من الكلام في مسألة المشركة، فالأخت مع البيت عصبة عند جماهير العلماء.
وقيل لابن عباس وابن الزبير : إن عليا وعبد اللّه وزيدا يجعلون الأخوات مع البنات عصبة، فقال :«أنتم أعلم أم اللّه؟»، يقول اللّه عز وجل :(إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ)، فجعل لها النصف عند عدم الولد، فكيف تجعلون لها مع الولد النصف؟
وعامة العلماء يرون معنى الآية : إن امرؤ هلك ليس له ولد ذكر، ولذلك قال :(وَهُوَ يَرِثُها) يعني الأخ، ولا شك أن الأخ يرث مع البنت.
ومثله قوله تعالى :(وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ)، ومعناه عند الجميع : إن كان له ولد ذكر.
ولا خلاف بين الصدر الأول ومن بعدهم من الفقهاء، أنه لو ترك ابنة وأبوين، أن للبنت النصف وللأبوين السدسان والباقي السدسان والباقي للأب، ولو ترك ابنة وأبا فللبنت النصف وللأب النصف، وقد أخذ في هاتين المسألتين مع الولد أكثر من السدس.
والسر في ذلك أن الذي تأخذه الأخت بعد أصحاب الفرائض، ليس هو النصف الذي كان مفروضا لها، إذا لم يكن ولد، فإن ذلك فرض، وهذا مأخوذ بالتعصيب، لأنها عصبة فتأخذ الباقي، فتارة يكون الباقي نصفا، وتارة أقل من ذلك، وربما ترك الميت ابنتين فصاعدا فتأخذ الأخت ما بقي بعد الثلثين، وربما كان مع الأخت أخواتها، فيأخذون جميع ما يبقى، فعلم به أن الذي تأخذه الأخت في هذا الموضع، إنما تأخذه بمعنى غير المعنى الذي كان فرض لها مع البنت.