ج ٢، ص : ٣٩٨
ولا شك أن كلام المخالف ليس ينقطع بذلك، إلا أنه يقال :
ساق اللّه تعالى محرمات عدة مبهمة، وليس فيها تقييد، وجعل في آخرها تقييدا، فالأصل اتباع العموم وترك المشكوك فيه، والاحتياط للتحريم يقتضي ذلك فاعلمه.
وفي الناس من خص التحريم بالتي توصف بكونها ربيبة، وقال :
إذا لم تكن في حجر الزوج، وكانت في بلد آخر، وفارق الأم بعد الدخول، فله أن يتزوج بها، وهذا قول علي «١» رضي اللّه عنه، على ما يرويه عنه مالك بن أوس، فإن صح هذا عنه «٢» فيقال :
يجوز أن يكون اللّه تعالى قد أجرى ذلك على الغالب، من غير أن تكون هذه الصفة شرطا في التحريم، إلا أن عليا يقول : فإن كان كذلك وثبت، فلم اعتبرتم هذا الوصف في قطع الشرط المذكور بعده عن الأول، وإنما قطعتموه بتخلل هذا الوصف في قطع الربائب، وفيه إبانة اتصال الوصف الثاني بالأول.
وأعلم أن قول اللّه تعالى :(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) لم يستوعب المحرمات بالنسب والرضاع جميعا، فإنا بينا أن الآية ما تناولت
(١) روى ابن أبي حاتم عن مالك بن أوس بن الحدثان قال : كانت عندي امرأة فتوفيت وقد ولدت لي، فوجدت عليها فلقيني علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه فقال : مالك؟ فقلت :
توفيت المرأة، فقال : لها ابنة؟ قلت : نعم، وهي بالطائف، قال : كانت في حجرك؟
قلت : لا هي بالطائف. قال : فانكحها، قلت : فأين قول اللّه :(وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ؟) قال : انها لم تكن في حجرك، انما ذلك إذا كانت في حجرك» أه.
(٢) قال الحافظ ابن كثير : اسناده قوى ثابت الى علي بن أبي طالب، على شرط مسلم.
واليه ذهب داود بن علي الظاهري وأصحابه، وحكاه أبو القاسم الرافعي، عن مالك رحمه اللّه تعالى واختاره ابن حزم.