ج ٢، ص : ٤٨٣
وشرع في العمد مزية، فلا ينبغي أن تكون المزية مسقطة ما قد وجب في الخطأ، ولذلك قال الشافعي رضي اللّه عنه : إذا وجبت الكفارة في الخطأ، فلأن تجب في العمد أولى.
وقال إذا شرع السجود في السهو، فلأن يشرع في العمد أولى.
وقد قال تعالى في الخطأ (تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ). معناه أنه إنما أوجبه اللّه عليكم ليتقبل اللّه توبتكم فيما أنتم منسوبون به إلى التقصير.
وقيل : معنى التوبة التوسعة، وهي توسعة من اللّه ورحمة، كما قال :(فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ) «١».
وقال تعالى :(لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ) «٢» :
أي وسع اللّه على النبي والمهاجرين والأنصار وخفف عنهم : فهذا تمام البيان في هذه الآية.
قول اللّه تعالى :(فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ) «٣» : ومعلوم أنه كلفنا التتابع على حسب الإمكان، فالحيض لا يقطع التتابع في صوم الشهرين، وليس إذا انقطع التتابع لمدى لا يمكن الاحتراز عنه ما دل على أنه ينقطع، لما لا يمكن الاحتراز منه «٤».
قوله عز وجل :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً) الآية (٩٤).
روي أن سبب نزول الآية، أن سرية للنبي صلّى اللّه عليه وسلم، لقيت رجلا ومعه غنيمات له، فقال :
(١) سورة البقرة آية ١٨٧.
(٢) سورة التوبة آية ١١٧.
(٣) سورة النساء آية ٩٢.
(٤) انظر محاسن التأويل ج ٥.