ج ٢، ص : ٤٨٥
«أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللّه، فإذا قالوها عصموا مني؟؟؟ دماءهم وأموالهم إلا بحقها» «١».
وإنما عنى به المشركين، لأن اليهود والنصارى يطلقون قول لا إله إلا اللّه ولا يتمانعون منه، وإن لزمهم الشرك في التفصيل فقول : لا إله إلا اللّه، إنما كان على إسلام مشركي العرب، لأنهم كانوا لا يعترفون به إلا استجابة لدعوة النبي صلّى اللّه عليه وسلم، وقد بين اللّه تعالى ذلك فقال :
(إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ) «٢».
واليهود والنصارى يوافقون على إطلاق هذه الكلمة، وإنما يخالفون في نبوة محمد صلّى اللّه عليه وسلم، فمتى أظهر مظهر منهم الإيمان بالنبي صلّى اللّه عليه وسلم، فهو مسلم، حتى قال قائلون من أصحابنا : وإن هو قال محمد رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلم - فلا يحكم بإسلامه، لإمكان أن يكون من العيسوية، حتى يقول محمد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إلى الكافة.
وقال قائلون : ولا بذلك أيضا يصير مسلما، لأن فيهم من يقول محمد رسول اللّه إلى كافة الناس، ولكنه سيبعث وما بعث بعد.
وإذا تبين ذلك، فما لم يقل أنا بريء من اليهودية والنصرانية، لا يصير مسلما.
ومن أجل هذه الاعتبارات والشرائط، صار من صار إلى أن توبة الزنديق لا تقبل، لأنا لم نعرف في حقه علما يظهر به مخالفة مقتضى
(١) أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وأبو يعلى في مسنده عن أبي هريرة.
(٢) سورة الصافات آية ٣٥. [.....]