ج ٣، ص : ١٣
أيضا أن يكون الاستثناء من إباحة بهيمة الأنعام مقصورا على الصيد، وقد علمنا أن الميتة من بهيمة الأنعام مستثنى من الإباحة، فهذا تأويل لا وجه له.
وقوله (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ)، لا يخلو إما أن يكون مستثنى مما يليه من الاستثناء، فيصير بمنزلة قوله تعالى :(إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) إلا محلي الصيد وأنتم حرم، فلو كان كذلك لوجب إباحة الصيد في الإحرام، لأنه مستثنى من المحظور، إن كان قوله تعالى (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) مستثنى من الإباحة، فهذا أيضا وجه ساقط، فإن معناه :
أحلت لكم بهيمة الأنعام غير محلي الصيد وأنتم حرم، و(إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) سوى الصيد مما قدمناه، ويستثنى تحريمه في الثاني، وأن يكون معناه : أوفوا غير محلي الصيد، وأحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم.
قوله تعالى :(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ) الآية (٢) : روي عن ابن عباس أنها مناسك الحج، فعلى هذا تشتمل على الصفا والمروة والبدن وغيرها.
وقيل معالم اللّه تعالى وأحكامه : شعائره، فإن شعائره مأخوذة من الأعلام، ومنه مشاعر البدن وهي الحواس، وهي أيضا المواضع التي أشعرت بالعلامات، ومنه قول القائل : شعرت به : أي علمته، لا يشعرون : أي لا يعلمون، ومنه الشاعر، لأنه شعر بفطنته بما لا يشعر به غيره، فالشعائر العلامات.
فقوله تعالى :(لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ)، اشتمل على جميع معالم دين اللّه، وهو ما أعلمنا اللّه تعالى من فرائض دينه وعلاماتها أن لا تتجاوز واحدة ولا تقصر فيما دونها، وهذا أشمل التأويلات.