ج ٣، ص : ١٣٢
ولكن يجاب عنه بأن اعتقاد الإباحة في المباحات، وتمييزه عن المعاصي والمناهي واجب، وذلك هو معنى اتباع ما أنزل اللّه علينا.
واعلم أن الذي أنزله اللّه علينا ينقسم إلى ما يتعلق بالتلاوة، وإلى ما يتعلق بالأحكام دون التلاوة، والكل من عند اللّه حتى لا يتوهم متوهم منع نسخ القرآن بالسنة.
قوله تعالى :(وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ)، الآية : ١١ :
فقوله : خلقناكم ثم صورنا كم ثم قلنا للملائكة، يقتضي أن يكون المراد بقوله خلقناكم آدم عليه السلام، ويجوز مثل ذلك، وهو التعبير بنا عن آدم، لأنه أصلنا، قال تعالى :
(وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ) «١».
وقال تعالى :(فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) «٢».
والمخاطبون بذلك في زمن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لم يقتلوا الأنبياء.
وقال آخرون : إن ثم راجعة إلى صلة المخاطبة، فكأنه قال : ثم إنا نخبركم أنا قلنا للملائكة، وقد شرحنا هذا في الأصول عند ذكر معاني الحروف.
قوله تعالى :(ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إمه «٣».
ومعنى آخر : أغويتني أي حكمت بغوايتي، كقولك أضللتني أي حكمت بضلالتي، وقال : أغويتني أي أهلكتني.
قوله تعالى :(وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) الآية : ١٩. قرن قربهما الشجرة بالوعيد، ومن الممكن أنهما نسيا الوعيد،
(١) سورة الأعراف آية ١٦
(٢) سورة طه آية ١٢١.
(٣) أنظر اللسان، والقاموس المحيط، ومختار الصحاح. والمصباح المنير.