ج ٣، ص : ١٤٦
وقراءة المصلين، وإذا لم تكن القراءة في حالة سكتة الإمام، فالقراءة أولى، كما يكبر ويقرأ دعاء الاستفتاح، ولا يترك المفروض من القراءة لمكان فضيلة الجماعة، فهذا هو التأويل الظاهر.
وبالجملة، لا يخفى على عاقل أن اللّه سبحانه وتعالى إذا أمر بالاستماع.
والإنصات، فإنما أمر به ليكون داعيا إلى ترك باطل من اللهو والهزء وأشغال الدنيا، لا ليكون ذلك داعيا إلى ترك مفروض عند اللّه تعالى عز وجل، وهذا بين :
ويدل عليه ما روي عن محمد بن كعب القرظي قال : كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا قرأ في الصلاة أجابه من وراءه، فإذا قال بسم اللّه الرحمن الرحيم، قالوا مثل ما يقول، حتى يقضي فاتحة الكتاب والسورة، فلبث ما شاء اللّه أن يلبث، فنزل قوله تعالى :
(وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) «١».
وهذا يدل على أن المعين بالإنصات، ترك الجهر على ما كانوا يفعلون من مجاوبة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم.
وقال قتادة :
في هذه الآية : كان الرجل يأتي وهم في الصلاة فيقول :
كم صليتم؟ كم بقي؟ فأنزل اللّه تعالى :

__
(١) أنظر أسباب النزول للواحدي النيسابوري، وتفسير الطبري، وتفسير الفخر الرازي، وابن كثير والقرطبي، والدر المنثور للسيوطي، وأحكام القرآن لابن الغربي.


الصفحة التالية
Icon