ج ٣، ص : ٢٧
نعم، إنا نشترط معرفة غاية الانقياد للمالك ومخالفة عادته القديمة، وذلك بأن لا يقدم دون إرسال الصيد، وإن أوقفه وقف، وكأن الذي شرط ترك الأكل، شرط ذلك ليبين به مخالفة عادته وطبعه.
وإذا ثبت ذلك، صح من هذه الجهة، أن قوله تعالى :(فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ)، ليس أنه أراد به نية الكلب في الإمساك للمالك.
قوله تعالى :(الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) «١».
معنى الطيبات ما مضى.
وقوله اليوم، يجوز أن يكون اليوم الذي نزلت فيه الآية، ويجوز أن يكون المراد به اليوم الذي تقدم ذكره في قوله :
(الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ) «٢»، و(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) «٣».
قيل : إنه يوم عرفة «٤» في حجة الوداع.
واعلم أنه ليس المقصود من ذكر اليوم ها هنا صورة اليوم، وإنما المراد به الزمان، كما يقال أيام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وأيام أبي بكر وعمر، وهو من قبيل ما يكون معنى الزمان منه أعم من اللفظ سابقا إلى الفهم.
مثله قوله تعالى :
(وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ) «٥».
(١) سورة المائدة آية ٥.
(٢) و(٣) سورة المائدة آية ٣.
(٤) والحديث في ذلك أخرجه البخاري في صحيحه عن قيس بن مسلم عن طارق ابن شهاب.
(٥) سورة الأنفال آية ١٦