ج ٣، ص : ٤٩
النظم، واستكراها في النطق، وحيدا عن أحسن الجهات في البيان، وإنما يجوز لضرورة تدعوه إليه.
وعند ذلك قال آخرون : الداعي إلى التقديم والتأخير، أنه عد المرض والسفر معد الأحداث، ونحن نقدر تقديرا آخر ليزول ذلك فنقول :
قوله تعالى :(إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) : معناه وأنتم محدثون، وإن كنتم جنبا فاطهروا، فقد بين السببين الأصليين للطهارتين الصغرى والكبرى، ثم قال :
(وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) معناه : وجاء، وقد ورد «أو» بمعنى الواو، وذلك راجع إلى المرض والسفر إذا كانا محدثين ولزمهما، وجعل «أو» بمعنى الواو في كتاب اللّه تعالى، وفي أشعار العرب موجود.
إلا أن الذي يرد عليه أنا إذا قلنا إن معنى أول الآية :«إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم محدثون»، ثم قال :(وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) فقوله :(إِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ)، يظهر رجوعه إليهما ولا معنى لذكر المجيء من الغائط ولمس النساء، فإنّ الحدث المطلق، الجنابة المطلقة تشملهما، وما سواهما فليس لذكرهما فائدة، ففي كل واحد من التقريرين «١» نوع اعتراض وبعد.
واللّه أعلم بمراده من الآية.
قوله :(أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ)، حمله قوم على الجماع، وقوم على الجس باليد.
(١) ورد في الأصل : التقرير.