ج ٣، ص : ٥٨
وأبو حنيفة يجوز بالنورة والزرنيخ.
وقال مالك : يتيمم بالحصا والحبل، وإن تيمم بالثلج ولم يصل إلى أرض أجزأه، وكذلك الحشيش إذا كان ممتدا.
واشترط الشافعي أن يعلق التراب باليد فيتيمم به نقلا إلى أعضاء التيمم، كالماء ينقل إلى الأعضاء، أي أعضاء الوضوء. ولا شك أن لفظ الصعيد ليس نصا فيما قاله الشافعي، إلا أن قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم :
«جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا» «١»، يبين ذلك.
واستنبط الرازي من قوله :(فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ) أن الباء لما كانت للتبعيض، وجب بحكم الظاهر جواز مسح بعض الوجه، مثل ما فهم من قوله (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ).
والذي ذكره ليس بصحيح على ما تقدم، فإن الباء لا تدل على شيء مما ذكره، وقد قال تعالى :(وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) «٢»، ولو طاف ببعض البيت لم يجز «٣».
قوله تعالى :(ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ) «٤» :
هذا يحتمل أن يكون معناه : إنّا لم نرد تكليفكم لنشق عليكم، وإنما أردنا بتكليفكم اللطف بكم في محو سيئاتكم وتطهيركم من ذنوبكم، كما قال عليه الصلاة والسلام :

__
(١) أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وأبو داود والترمذي والنسائي والدار قطني.
(٢) سورة الحج آية ٢٩. [.....]
(٣) انظر القرطبي ج ٦ ص ٢٣٧.
(٤) سورة المائدة آية ٦.


الصفحة التالية
Icon