ج ٣، ص : ٦٧
فسوى مالك بين أن يقتلوا أو لا يقتلوا، أو يأخذوا المال أو لا يأخذوا، وخير الامام إن شاء قتل، وإن شاء قطع خلافا، وإن شاء نفي، ونفيه حبسه، فهذا ما ذكره.
ووافق في أنهم لو أخذوا المال ولم يقتلوا، لم يجز لإمام أن ينفيه، ويترك قطع يده ورجله.
وكذلك لو قتلوا وأخذوا المال، لم يجز للإمام أن يعفيه من القتل والصلب.
ولو كان الأمر على ما قالوه في التخيير، لكان التخيير ثابتا إذا أخذوا المال وقتلوا، أو أخذوا المال ولم يقتلوا، فكأنه يرى التخيير في إجراء حكم القاتل على غير القاتل، وإجراء حكم القطع على غير آخذ المال.
أما إسقاط حكم القطع عن آخذ المال أو القتل عن القاتل، فلا سبيل إليه أصلا.
فالتخيير الثابت شرعا، هو أن يتخير بين أنواع، كالتخيير في حق المشركين، يتخير بين أنواع، فمنها الأخف، ومنها الأغلظ، فأما أن يقال : إن عقوبة المجرم لا تسقط عنه، ولكن غيره يلحق به، فهذا ليس من التخيير في شيء.
نعم، اعتقد مالك أن مجرم قطع الطريق كالقتل، قال : ولذلك قال اللّه تعالى :
(مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) «١»، فدل أن الفساد في الأرض بمثابة قتل النفس.
والذي ذكره واعتقده فاسد، فإن ما ذكره لا يوجب إجراء حكم
(١) سورة المائدة آية ٣٢.