ج ٣، ص : ٧٣
ولأن التيمم بدل في اليد، والظاهر أنه يجري على ما أجري الأصل عليه، وإن كان بين البدل والأصل خلاف في الرأس والرجل، إذا شرع في اليد يظهر على أنه شرع على نحو ما شرع له الأصل.
وهذا وإن كان لا يظهر على ما يجب، فالتوقيف أقوى معتصم.
واعلم أن آية السرقة ليس فيها تعرض لدفعات السرقة، وإنما فيه التعرض للدفعة الأولى، وقطع اليد اليسرى والرجل اليمنى على مذهب الإمام الشافعي، والرجل اليسرى في الكرة الثانية على المذاهب كلها متلقى من السنة لا من الكتاب فاعلمه، وليس في الكتاب إلا بيان الكرة الأولى.
نعم في كتاب اللّه تعالى بيان موجبات جرائم قطاع الطريق على اختلاف جرائمهم على ما ذكره ابن عباس، فإن تلك العقوبات المختلفة تعلقت بجرائم مختلفة في الكرة الأولى، لأن اللّه تعالى بين ما تعلق بالأولى، وبين ما يتعلق بالكرة الثانية بعد الفراغ من الأولى.
نعم، لم يتعرض للدفعة الثانية، لأنه يندر من السارق بعد قطع يده أن يرجع وهو ناقص إلى السرقة التي يحتاج فيها إلى ملابسة الإغرار، وسرعة الحركة، والمخاطرة بالمهجة، وشدة العدو، والذي يده ناقصة لا يتأتى منه ذلك، فأبان اللّه تعالى جزاء السارق، ولم يتعرض للكرة الثانية، وتعرض الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم لها.
والسارق من بيت المال لا قطع عليه في ظاهر مذهب الشافعي، وهو مذهب الجماعة، لأن له فيه نصيبا، وإليه أشار علي رضي اللّه عنه لما أتى برجل قد سرق مغفرا من الخمس، فلم ير عليه قطعا، قال : لأن له فيه نصيبا، وفي وجه يجب القطع تعلقا بعموم الآية وبلفظ السرقة.
ويتعلق بعموم كتاب اللّه تعالى والإيماء إلى التعليل في إيجاب القطع على ذوي الأرحام، بسرقة أموال أقاربهم خلافا لأبي حنيفة.