ج ٣، ص : ٧٧
فيهم، فحملهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم على الحق في ذلك، فجعل الدية سوى، وأن بني قريظة «١» والنضير ما كان لهم ذمة أصلا. وقد أجلاهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، وأهل الذمة لا يجوز ذلك فيهم، وبنو قريظة قتلوا عن آخرهم لما نزلوا على حكم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، وليس في أصحابنا من يفصل بين المعاهد والذمي في هذا المعنى، فالأقرب أن يقال : إن الحكم في الجميع سواء.
وروي عن ابن عباس رواية أخرى.
وعن الحسن وعن مجاهد والزهدي أن الآية وهي قوله :(وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ)، نزلت في شأن الرجم حين تحاكموا إليه وهم أيضا لم يكونوا أهل ذمة، وإنما تحاكموا إليه طلبا للرخصة وزوال الرجم، فصار النبي عليه الصلاة والسلام إلى بيت مدارسهم ووقفهم على آية الرجم، وعلى كذبهم وتحريفهم كتاب اللّه تعالى، ورجم اليهوديين وقال : أنا أولى من أحيا سنة أماتوها، وهذا يدل دلالة تامة على جواز رجم اليهود خلافا لأبي حنيفة، ويدل على أن أهل الذمة محمولون في عقودهم وقضاياهم على موجب أحكام المسلمين كالمسلمين، ويدل أيضا على أن الخمر ليست بمضمونة على متلفها، ولا أنها مال من أموالهم، لأن إيجاب الضمان على متلفها حكم على موجب أهواء اليهود، وقد أمرنا بخلاف ذلك.
نعم، لا نتعرض لهم في خمورهم ولا في مناكحتهم الباطلة، وقد فتح عمر سواد العراق، وكان أهلها مجوسا، ولم يتعرض لمناكحتهم الواردة من قبل على بناتهم وأخواتهم، ولا فرّق بينهم.

__
(١) كذا في الأصل، والاولى : وان بني النضير فقط، لقوله ثانيا : وبنو قريظة قتلوا إلخ..


الصفحة التالية
Icon