ج ٣، ص : ٨٢
أفضل من تأخيرها، وذلك لا خلاف فيه في العبادات كلها، إلا في الصلاة في أول الوقت، فإن أبا حنيفة يرى الأفضل تأخيرها، وهو أفضل من تقديمها وعموم الآية دليل عليه.
وفيه دليل على أن الصوم في السفر أولى من الفطر.
وقال تعالى في هذا الموضوع كرة أخرى :(وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ)، وذلك يجوز أن يكون تكرار، ويجوز أن يكون واردا في قصة أخرى تحاكموا فيها إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، كما ذكر في التفسير أن بني النضير وبني قريظة تحاكموا إليه في الدية، وكان بنو النضير أضعف وقريظة أشرف، وكانوا يجعلون دية القتيلين على التفاوت، لذلك قال :
(وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ) «١»، أي لا يعدل عن الحكم الذي أنزل اللّه تعالى عليه، إلى ما يهوون من الأحكام إطماعا منهم في الدخول في الإسلام، وسياق الكلام إلى قوله :(أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) «٢» فيه وجهان :
أحدهما : أنه خطاب لليهود، لأنهم كانوا إذا وجب الحكم على ضعفائهم ألزموهم إياه، وأخذوهم به، وإذا توجه على أغنيائهم سامحوا، فقيل لهم :(أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) :
قوله تعالى :(لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) «٣» : يدل على قطع الموالاة شرعا.
وقوله :(بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ)، يدل على إثبات الشرع
(١) سورة المائدة آية ٤٩.
(٢) سورة المائدة آية ٥٠.
(٣) سورة المائدة آية ٥١.