ج ٣، ص : ٨٩
الشافعي على أن التحريم لا يتعلق به تحريم الحلال، وأن تحريم الحلال لغو، كما أن تحليل الحرام لغو، كما لو قال استحللت شرب الخمر، فمقتضى الآية على هذا القول، ان اللّه تعالى جعل تحريم الحلال لغوا في أنه لا يحرم فقال :
(لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ).
أي تحريم الحلال فيما اشتملت عليه أيمانكم، ولكن لما سبق منكم من عقد اليمين، فأنتم مؤاخذون بما عقدتم من الأيمان، وتلك المؤاخذة كفارة إطعام مساكين، فهذا معنى الآية وهو صحيح «١».
فاللغو على هذا هو الذي لا يعتد به وهو تحريم الحلال.
وقال عطاء وقد سئل عن اللغو في اليمين فقال : قالت عائشة : إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال :
هو كلام الرجل في بيته كلا واللّه وبلى واللّه «٢».
وروى إبراهيم عن الأسود وهشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت :
لغو اليمين لا واللّه، بلى واللّه، موقوفا عليها، فعلى تفسير رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وهو الأصل، وعلى ما روى عن عائشة، معنى قوله :(لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ)، تقديره من أيمانكم، فكأنّ الأيمان منقسمة إلى ما يتعلق به مؤاخذة، وإلى ما لا يتعلق به مؤاخذة في معنى الكفارة، وهذا مذهب الشافعي في الأيمان المستقبلة.
وأبو حنيفة يرى تعليق الكفارة بالأيمان المستقبلة كلها، فمعنى قوله
(١) انظر تفسير القاسمي.
(٢) أخرجه حميد بن مسعده الشامي، وابو داود في مسنده، ورواه الزهري وابن جريج ومحمد بن حميد وعبد الرزاق.