ج ٣، ص : ٩٣
كذا، وما كان، أو قال : واللّه ما كان، وقد كان، كفّر وقد أثم وأساء، حيث عقد الحلف باللّه باطلا.
فإن قال قائل : ما الحجة في أن يكفر وقد عقد الباطل؟ قيل : أقربهما قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم :«فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه» «١».
فقد أمره اللّه أن يعمد الحنث، يقول اللّه تعالى :(وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ) «٢» الآية، نزلت في رجل حلف لا ينفع أخاه، فأمره اللّه تعالى أن ينفعه.
وقوله تعالى :(وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً) «٣»، ثم جعل فيه الكفارة.
ومن حلف وهو يرى أنه صادق، ثم وجده كاذبا، فعليه الكفارة.
قال إسماعيل : فشبهه الشافعي بما لا يشبهه، لأن الذي أمره رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يأتي بالذي هو خير وأن يكفر، إنما أمره أن يستأنف بعد اليمين شيئا كان حلف عليه ألا يفعله، ولم يكن الرجل كاذبا حين حلف، فجعلت كفارة يمينه إذا فعل ما حلف عليه ألا يفعله، ما ذكر في القرآن، والذي حلف على كذب بعد علمه، مخبر عن شيء مضى، كاذب فيه، حالف عليه، فكيف يشبه هذا بهذا؟
ثم أردف هذا : بما لا ينطلق لسان محصل بذكره : بأن الذي استشهد به أمر فيه بأن يتعمد الحنث، فلنؤمر في الماضي بمثله، وهذا جهل مفرط منه، وإنما أوتي من قبل نظره إلى صورة الكلام، من غير أن عرف مقداره،
(١) أخرجه الامام أحمد في مسنده، والامام مسلم في صحيحه، والترمذي في سننه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، وقال عنه السيوطي حديث صحيح.
(٢) سورة النور آية ٢٢.
(٣) سورةالمجادلة آية ٢.