ج ٤، ص : ١٧٨
في موضع :(فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ)، وقال في موضع آخر :
(فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ) «١».
على أن لإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة مدخلا في تخلية سبيلهم، كما أن للتوبة مدخلا في ذلك، وبذلك احتج أبو بكر رضي اللّه عنه في أن التوبة لا تكفى في تخلية سبيلهم والكف عن قتلهم، حتى ينضاف إليها فعل الصلاة وإيتاء الزكاة، وقال إنه صلّى اللّه عليه وسلّم قال :
«فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها» «٢».
فلم تثبت العصمة بمجرد الإسلام، وذكر أن الزكاة من حقها.
وتعلق علي بذلك في قتال الفئة الباغية، وذهب إلى أن المشركين إذا أسلموا، ولم يقيموا الصلاة، ولم يؤتوا الزّكاة، حل قتالهم وقتلهم.
وقال بعضهم : إنما أراد بذلك الاعتراف بالصلاة والزكاة لا فعلهما، فمن جحد أحدهما فقتله مباح، وهذا يستأصل وجه التخصيص.
فإن قيل : فإذا تاب قبل وقت الصلاة والزكاة فلا قتل عليه، ولم يقم الصلاة ولا الزكاة جميعا.
الجواب : أن التوبة إن كفت على هذا الرأي، فذكر الصلاة والزكاة لغو، وهو بمثابة من يقول : فإن تابوا ودخلوا الدار ولبسوا الثوب.

__
(١) سورة التوبة آية ١١.
(٢) أخرج البخاري ومسلم وأبو يعلى عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم قال :.
«أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله الا اللّه، وأني رسول اللّه، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم الا بحقها وحسابهم على اللّه».


الصفحة التالية
Icon