ج ٤، ص : ١٨١
ثم قال تعالى :(حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ)، الآية/ ٦.
أي بعد السماع، لأنه لا فائدة في مقامه عندنا. والأمان الذي تعارفه الفقهاء، أن يؤمن كافرا لا يبغي به سماع كلام اللّه عز وجل، حتى إذا استمع أبلغه مأمنه، بل يبغى به أمانه حتى يتجر ويتسوق ويقيم عندنا مدة لغرض لهذا المسلم، وذلك ليس ما نحن فيه بسبيل «١».
قوله تعالى :(كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ)، الآية «٢».
يدل على أن من نفى أن يكون له عهد، إنما نفاه من حيث لم يستتم، بل غدر سرا أو جهرا، أو خيف منه الغدر، وذكر الشرك ذكر الباعث على الغدر ثم قال :
(إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) «٣».
فإنه لم يظهر منهم غدر.
(فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ) «٤».
وهذا يدل على أن من نقض عهده فإنما نقضه لمكان الغدر وتوقع الجناية، وإلا فلو استوى المستثنى والمستثنى منه في الاستقامة والوفاء لاستويا في وجوب الوفاء، ويدل عليه
قوله تعالى فيما بعد :
(كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) «٥».
(١) أنظر التفسير الكبير للرازي.
(٢) سورة التوبة آية ٧. [.....]
(٣) سورة التوبة آية ٧.
(٤) سورة التوبة آية ٧.
(٥) سورة التوبة آية ٨.