ج ٤، ص : ١٩١
فيقال في إبطال ذلك : إن قتل الكافر مؤيس من التوبة، وإذا ترك بشريطة الجزية فيلحقه من الذل ما يضجره ويحمله على الإسلام، هذا مع نفع يعود إلى «١» المسلمين، ومع مخالطة الكافر للمسلمين الداعية له إلى تدبر أدلة الإسلام، وهذا المعنى لا فرق فيه بين طائفة وطائفة، إلا أنه يمكن أن يقال :
إن قتل من لا كتاب له أقرب إلى تعظيم أمر الدين، ولأن أهل الكتاب أقرب إلى تدبر معاني الكتاب لتقارب ما بين الأديان وتشاهدها على صدق نبينا صلّى اللّه عليه وسلم، فيجوز أن يكون الأصحاب بالجزية أقرب إلى إيمان أهل الكتاب منه إلى غير أهل الكتاب.
وقوله تعالى :(تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ)، تعظيم فيما يتعلق بالآخرة، ورجوع وبال كفره عليه في الميعاد، ومع هذا فيمهل الشرع أسبابا هي داعية إلى صلاح حاله في ماله.
وليس لقائل أن يقول : وإذا كان ذلك كذلك، فلم يرزقون ويحسن إليهم.
لأن نعمة اللّه تعالى لا تنافي استعظامه للكفر، فكذلك إقرارهم على المقام في بلادنا بأخذ الجزية لا تنافي استعظام كفره.
وإذا تقرر ذلك أمكن أن يقال :
الجزية عقوبة ليحصل بها زجره عن كفره.
والعقوبة منقسمة إلى ما يكون زجرا لمصلحة المعاقب، وإلى ما يكون جزاء.
فأما الجزاء فلم يشرع لمصلحة المعاقب، فعلى هذا لا نقول : يجب على
(١) وردت - على - في احدى النسخ.