ج ٤، ص : ٢١١
فصحيح، فإن العامل وإن كان غنيا، ففي صرف أجرته إليه تقوية لأمر الصدقات، فالحاجة إليهم ماسة، وفي الصرف إلى المؤلفة قلوبهم تقوية الإسلام، فالحاجة واقعة، وكذلك الغارم بالديات، تمس الحاجة إليه لتسكين الفائزة «١»، وتطفية الفتنة.
وقد استدل قوم في نصرة قول الشافعي ومذهب أبي حنيفة، على أن ذكر العامل يدل على وجوب دفع الزكاة إليهم، وأنه لا يجوز أن يفرق بنفسه، وهذا فيه نظر، لأن ذكرهم يتضمّن أنهم إذا كانوا أعطوا نصيبهم، فأما إذا لم يكونوا فلا، وليس في الظاهر أنه لا بد منهم، كما أنه ليس في الظاهر أنه لا بد من رقاب وغارم ومؤلفة.
فأما المؤلفة، فقد قيل كان ذلك وزال.
وقد قيل : للإمام أن يتألف قوما إذا رأى في تأليفهم صلاحا للمسلمين، لما فيه من دفع ضررهم أو الضرر بمكانهم، فله أن يدفع إليهم سهم المؤلفة قلوبهم، فإن اللّه تعالى لم يخص وقتا دون وقت.
وأما الرقاب، فقد اختلف فيه.
فقال قائلون أراد به العتق، وهو قول ابن عباس «٢»، وكان لا يرى بأسا أن يعطي الرجل من زكاته في عتق رقبة، وهو قول الحسن.
وقال الأكثرون : المراد به المكاتبون، وهو قول إبراهيم وسعيد بن جبير والشعبي وغيرهم، وعلل سعيد بن جبير وقال : لا يعتق من الزكاة مخافة جر الولاء «٣».
(١) وفي نسخة أخرى : لتسكين النازلة.
(٢) أنظر تفسير الطبري، وتفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور السيوطي، وتفسير ابن كثير.
(٣) أنظر المصادر السابقة من كتب التفسير.