ج ٤، ص : ٢١٥
قوله تعالى :(وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ)، الآية/ ٧٥.
ذكر ابن عباس في سبب نزول هذه الآية، أن حاطب بن أبي بلتعة أبطأ عنه ماله بالشام، فحنف في مجالس الأنصار، إن سلّم ذلك لأتصدق منه، ولأصلن منه، فلما سلم بخل بذلك، وهذا نذر التبرر المتفق عليه.
وقيل نزل ذلك في شأن المنافقين الذين عاهدوا ثم أخلفوا.
واستدل به قوم على أن من حلف إن فعل كذا، فعلي كذا للّه تعالى، أنه يلزمه.
وظاهر الآية لا يدل عليه، لأنه ليس بنذر، ولا قصد فعله، ولا إنه مما يقال فيه : لئن آتانا من فضله.
وقد استدل به على أن من قال إن آتاني اللّه مالا تصدقت به وفعلت وصنعت.
قوله تعالى :(فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ) «١» :
يحتمل أن يكون ذلك من اللّه تعالى، ويحتمل أن يكون بعض المعاصي داعيا إلى البعض، فكأن البخل أعقب النفاق.
وأبان به إن بعض الأفعال قد تكون لطفا في بعض، وبعضها فسادا في بعض.
وقد يدل ذلك على أن الذي عاهد لم يكن منافقا من قبل.
فأعقبهم نفاقا. ثبتوا عليه إلى الممات، وهو معنى قوله إلى يوم يلقونه «٢».
قوله تعالى :(اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ)، الآية/ ٨٠.
(١) سورة التوبة آية ٧٧.
(٢) انظر ما ذكره السيوطي في لباب النقول، والبيهقي في الدلائل.