ج ٤، ص : ٢٥٥
قوله تعالى :(وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ)، الآية/ ٢٦.
أبان اللّه تعالى أن على كل واحد منا مراعاة مراتب مستحقي الحقوق، فبدأ بحق اللّه تعالى فقال :(وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) وقرنه بذكر الوالدين، وعقب ذلك بقوله :(وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ)، وظاهر العطف أنه قريب الإنسان.
وقد قيل : عنى به قرابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم.
والأمر بالإحسان إلى الوالدين عام في جميع الناس، وكذلك ما عطف عليه من إيتاء ذي القربى.
قوله تعالى :(وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً).
والتبذير عند الشافعي إنفاق المال في غير حقه، فلا تبذير في عمل الخير.
وقال مجاهد : لو أنفق مدا في باطل كان تبذيرا.
وقد ثبت في سورة البقرة الحجر على المبذر، وما يتعلق به من الأحكام.
ثم أبان اللّه تعالى تحريم التبذير بقوله تعالى :
(إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ)، الآية/ ٢٧.
ثم قال تعالى في تخصيص نبيه صلّى اللّه عليه وسلم :
(وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً)، الآية/ ٢٨.
وهو تأديب عجيب، وقول لطيف بديع، فإنه تعالى قال :(وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها) : أي لا تعرض عنهم إعراض مستهين عن ظهر الغنا والقدرة فتحرمهم، وإنما يجوز له أن يعرض عنهم عند عجز يعرض، وعند عائق يعرض، وأنت عند ذلك ترجو من


الصفحة التالية
Icon