ج ٤، ص : ٢٦٧
وروي عن معاذ بن جبل، عن رسول اللّه أنه قال :«إذا قال الرجل لعبده : أنت حر إن شاء اللّه، فهو حر، وإذا قال لامرأته أنت طالق إن شاء اللّه فليس بطالق» «١».
وهذا حديث ضعيف، واهي السند مخالف للإجماع.
وقيل للمعتزلة : عندكم أن فعل الفاعل لا يتعلق بمشيئة اللّه تعالى، فما معنى قوله عندكم لأفعلن إن شاء اللّه تعالى، وهو يفعل وإن لم يشأ اللّه.
فأجابوا بأن معناه : إلا أن يشاء اللّه ألا يلجئني إليه، أو يقطعني عنه باخترام أو موت، فيخرج عن كونه قاطعا على الخبر، فيحسن منه الخبر «٢».
وقال آخرون منهم : الغرض بالاستثناء، إخراج الخبر عن أن يكون قطعا وخبرا تاما من غير إرادة ما يجرى مجرى الشرط، فكأنه وضع في اللغة لهذه الطريقة التي تقتضي التوقف في الخبر، وهذا أقرب، لأن الاستثناء يؤثر في هذا الخبر، سواء وقع ممن له قصد إلى ما ذكرناه أو من لا قصد له. فحمله على هذا الوجه الثاني أولى.
ومما قيل للمعتزلة : إذا قال القائل عبدي حر إن شاء اللّه فلا يعتق، وقياس قولكم أنه يعتق، لأن اللّه تعالى قد شاء ذلك تعبدا، وجوابهم عنه على ما قاله أبو علي الجبائي، أنه لم يخصص المتثنى المشيئة بطريق التعبد، ولو خصصه بذلك لصار حرا بأن ينوي بالاستثناء، مشيئة التعبد فقط.
نعم إذا أطلق الاستثناء فلا حرية، فأما إذا قيد الاستثناء، صار كأنه قال للمملوك : أنت حر إن أراد اللّه مني إعتاقك، وقد علم أن اللّه تعالى أراد ذلك مع سلامة الأحوال، وإنما تصح هذه الطريقة متى قيل لا بد في

__
(١) أخرجه الطبراني في معجمه الكبير.
(٢) انظر تفسير الفخر الرازي، وتفسير القرطبي والدر المنثور للسيوطي


الصفحة التالية
Icon