ج ٤، ص : ٣٠٥
قطع النكاح بطريق آخر، لأن الزوج لما أراد أن يعيرها ويفضحها بما صدر منها. فجعل الشرع اللعان مشروعا في النكاح دون النسب، وهذا المقصود قريب، بالإضافة إلى مقصود رفع النسب.
وإذا ثبت ذلك وجب شرع اللعان دون النكاح لأجل الولد، حتى إذا طلق امرأته ثلاثا وادعت حملا، فللزوج أن يلاعن، وعلى هذا اللعان في النكاح والوطء بالشبهة، فإنه رضي اللّه عنه فهم أمرا آخر فقال : إذا قذف امرأته بأجنبي وسماه في اللعان، فلا حد عليه للأجنبي، فإنه صار مصدقا شرعا في تلك الواقعة، فصار ذلك شبهه في درء الحد عنه، فهذا نوع من القياس فهمه في موضع الرخصة لفهم خصوص الحاجة.
وأبو حنيفة، رأى أن اللعان حجة خاصة شرعت في النكاح، فلا يثبت إلا في النكاح، ولا شك أن الذي قاله إعراض عن المعنى الخاص المفهوم من وضع اللعان، على أنه ناقص من وجهين :
أحدهما : أن اللّه تعالى قال :(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) «١».
وقال :(وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) «٢».
فحكم بطلاق النساء، ثم إنه صار إلى طلاق البائنة المختلفة من غير نكاح، مع أن الطلاق من خاصة النكاح، فهلا كان كذلك، بل هذا إلى ترجيح، وذلك أنه ليس في إيقاع الطلاق على المختلفة حاجة معقولة شرع الطلاق لأجلها في الأصل، بل الحاجة التي شرع الطلاق لأجلها معدومة في
(١) سورة الطلاق آية ١.
(٢) سورة البقرة آية ٢٣١.