ج ٤، ص : ٣٠٧
ولما رأى الشافعي اللعان حجة خاصة قال : قذف الزوجة مثل قذف الأجنبية، لأنها محصنة عفيفة مثل الأجنبية، ويجب على غيره الحد بقذفها، ويجب عليه الحد بقذف مثلها، إلا أن الشرع جعل اللعان مخلصا، فإذا امتنع من اللعان، كان على قياس الأجنبي يقذف الأجنبية، وهذا بين معلوم من القرآن. وإذا كان اللعان خاصا في حق الأزواج، فالشافعي يقول :
جعله الشرع حجة وصدقه فيها، وجعل لها طريقا إلى مدافعة حجته فقال :
(وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ)، فلا بد من إثبات عذاب، ولا يجوز أن يكون ذلك العذاب سجنا، فإن الحبس لا يراد لعينه، وإنما يراد لغيره، فلا بد أن يكون الحبس لطلب أمر وراء الحبس يحبس لأجله، ولا يجوز أن يكون الأمر هو اللعان، فإنها ربما كانت كاذبة في لعانها، فكيف يجوز إجبارها على اللعان، وقد قال كثير من العلماء :
إن العذاب في عرف الشرع عبارة عن الحد، سيما إذا عرف بالألف واللام، وذلك ينصرف إلى المعهود، وهذا لا بأس به، وإن كان يرد عليه بأن العذاب قد لا يختص بالحد، قال اللّه تعالى :
(إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ) «١» ولم يرد الحد.
وقال تعالى :(لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً) «٢»، ولم يرد به الحد.
ويهون الجواب عن كل ذلك، وليس في التقصي عنه كبير فائدة، فإن الغرض يحصل دونه.
(١) سورة يوسف الآية ٢٥.
(٢) سورة النمل آية ٢١.