ج ٤، ص : ٣١٦
لدخولها في محاسن الأخلاق، وتحقيقا لمقصود النظافة والوضاءة وإحياء لمراسم العبادة، وعلم الشرع أن إيجابها عند تغيير الأكوان يجر حرجا، فوضع مراسم تفي بالمقصود.. كذلك هاهنا.
وهذا الذي ذكروه لا وجه له، فإن الترغيب فيه ليزيل عن القلوب ما فيها من منافاة قياس الأصول، ولو وجبت الكتابة لوجبت لمقصودها، وهو العتق، كالطهارة لما وجبت وجبت للصلاة، والعتق لا يجب بالإجماع.
ولا يتحتم بالاتفاق.
وقولهم إنها أوجبت ذريعة فضرب من الهذيان. فإن السيد قادر على استكساب العبد دون الكتابة، فليس يتجدد له بالكتابة حق «١».
وفيه إزالة ملكه من غير أن يحصل على مقابل له، فهذا تمام ما يستدل به على نفس الوجوب.
ثم قال تعالى :(وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ)، الآية/ ٣٣.
قال الشافعي : ثم أمر من يكاتب بالإيتاء، ولا يتصور هذا الإيتاء إلا من جهة حط شيء، ولا يمكن حمله على الزكاة، فإن السيد لا يجب عليه أن يفرق الزكاة إلى عبده إجماعا.
ولا شك أن ظاهر اللفظ لا يقتضي الحط، لأنه ليس بإيتاء للمال، وإنما يدل عليه من حيث المعنى، لأن قوله :(مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ).
لا بد أن يحمل على ملك تجدد بعد الكتابة، وصار مالا مستحقا للسيد، فمن هذا الوجه حسن إطلاق هذا اللفظ عليه.
(١) أنظر أحكام القرآن للجصاص وتفسير القرطبي.