ج ٤، ص : ٣١٩
واختلفوا في صورة الكتابة، فقال بعضهم : يكفي أن يكاتبه على دراهم معدودة فيعتق بالآداء في وقته.
وقال بعضهم : بل لا بد أن يقول : فإذا أديته إلي فأنت حر، ليجمع بين العقد وبين تعليق الحرية بالصفة، لأن عنده أن العقد بينه وبين السيد لا يصح، فتحريره له تعلق بصفة تصح، فلا بد من ضم ذلك إليه.
ولم يختلفوا في أن ذلك رخصة، لأنا لو خلينا العقل، لكان يبطل، لأنه أزال ملكه بملكه، إذ الذي تحصل في يده ملك للمولى، لكنه بعقد الكتابة جعل لما يحتوي عليه حكم مخصوص، لم يبلغ حد الملك، ولا وقف على الحد الذي كان وهو رقيق خالص.
وأحكام الكتابة مبينة في مسائل الفقه.
قوله تعالى :(وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً)، الآية/ ٣٣.
روي عن جابر في سبب نزول الآية، أن عبد اللّه بن أبي بن سلول كانت له جارية يكرهها على الزنا «١».
والعبرة بمطلق اللفظ، فتدل الآية بمطلقها على تحريم الإكراه على الزنا، وعلى تحريم أخذ البدل، وهو المراد بنهيه صلّى اللّه عليه وسلّم عن مهر البغي، وتدل على أن الإكراه يصح في الزنا فيما يحصنها، لأنه مفعول فيها، فعلى كل الأقاويل يجوز أن تكره عليه، ويدل على أنها إذا أكرهت فلا إثم عليها، فإن اللّه تعالى قال :(فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، الآية/ ٣٣.

__
(١) كما ذكر ذلك الواحدي في أسباب النزول، والسيوطي أيضا، والطبري في تفسيره.


الصفحة التالية
Icon