ج ٤، ص : ٣٧٤
تقدم ذكره، ولا يجوز أن يكون غاية في حكم الأسرى، فإذا يجب أن يكون غاية في حكم، ما كان يجب أن يكون غاية في المقاتلة، فكأنه بين أن أثقال الحرب من قبلهم إذا زالت، فللمؤمنين مفارقة السلاح، ويدعوا الحرب إلى حال أخرى.
قال الحسن : في الآية تقديم وتأخير، فكأنه قال : فضرب الرقاب حتى تضع الحرب أوزارها، ثم قال : حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق.
وزعموا أنه ليس للإمام إذا حصل الأسير في يده أن يقتله بل هو بالخيار في ثلاثة مراتب : إما أن يمن أو يفادى أو يسترق.
وقال السدي فيما رواه إسماعيل بن إسحاق : إن ذلك منسوخ بقوله تعالى :(فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) «١».
وقال قتادة مثله، وجعل ناسخه قوله تعالى :(فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ) «٢».
وقال إسماعيل بن إسحاق : المن والفداء حقه في الأسير إذا تمكن منه «٣»، ولا يمنع ذلك من القتل الذي سنه اللّه تعالى في الكفار، فكأن اللّه تعالى حرم المن والفداء قبل التمكن، وأذن فيهما بعد التمكن، والقتل في الحالتين من حيث الكفر سائغ.
وروى في قوله تعالى :(حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها) أقوال :
روي عن الحسن : حتى يعبد اللّه ولا يشرك به، وعن مجاهد : حتى لا يكون دين إلا الإسلام.
(١) سورة التوبة آية ٥.
(٢) سورة الأنفال آية ٥٧.
(٣) أنظر تفسير الدر المنثور للسيوطي.