التكرير فإنه دلالة على المعنى مرددا"١. وليس كل التكرار مذموماً فقد فرَّق الخطابي بين المحمود منه والمذموم فقال:
"وأما ما عابوه من التكرار، فإن تكرار الكلام على ضربين:
أحدهما: مذموم: وهو ما كان مُستغنىً عنه غير مستفاد به زيادة معنى لم يستفيدوه بالكلام الأول لأنه حينئذ يكون فضلا من القول ولغواً، وليس في القرآن شيء من هذا النوع.
والضرب الآخر: ما كان بخلاف هذه الصفة... وإنما يُحتاج إليه ويحسن استعماله في الأمور المهمة التي قد تعظم العناية بها، ويُخاف بتركه وقوعُ الغلط والنسيان فيها، والاستهانة بقدرها، وقد يقول الرجل لصاحبه في الحث والتحريض على العمل: "عجل عجل، وإرم إرم"، كما يكتب في الأمور المهمة على ظهور الكتب "مهم مهم مهم" ونحوها من الأمور"٢.
وإذا عرفنا الفرق بين الإِطناب والتطويل والتكرير والترادف، فإنه ينبغي أن نعرف أنَّ الإِطناب ينقسم إلى قسمين:
الأول: ما يكون متعلقاً بالجملة الواحدة من الكلام وهو نوعان:
١- ما يَرِدُ من الإطناب علىِ جهة الحقيقة بأن يكون معنى اللفظ الزائد هو معنى المذكور، ويكون مغايرا له.
ومن أمثلة هذا النوع قولنا: "رأيته بعيني"، "وقبضته بيديَ"، "ووطئته بقدمي"، "وذقته بلساني"، إلى غير ذلك من تعليق هذه الأفعال بما ذكر من الأدوات.
وقد يظن ظان أن تعليق هذه الأفعال بهذه الآلات إنما هو لغو لا حاجة إليه فإن تلك الأفعال (الرؤية، القبض، الوطء، الذوق) لا تُفعل إلا بهذه الآلات

١ الطراز: العلوي ج٢ ص ٢٣٠، والمثل السائر: ابن الأثير، ج٢ ص١٢٨.
٢ بيان إعجاز القرآن: الخطابي ص٤٧-٤٨.


الصفحة التالية
Icon